آية يحيى تكتب: لا شيء يعجبني في هذه المدينة!
في كل مرة الكثير من الوعود، ولكن عندما يتمخض الجبل لا يلد سوى الفأر.
وفي كل مرة، يزداد البؤس انتشارا في هذه المدينة. تزداد مساحة القتامة، تماما كما تنتشر القمامة في الشوارع. تماما كما تلفظ حافلات النقل الحضري سمومها وهي تجوب الأحياء. تماما كما تنتشر الحفر في الشوارع، وينتشر المتسولون والبطالون في المواقف والحائطيون في الأزقة والدروب والمومسات في الحدائق والشارع الرئيسي ومدمني المخدرات الرخيصة واللصوص في الأسواق والحافلات والتفاهة في شبكات التواصل الاجتماعي والخذلان والغدر والخيانة في كل مناحي الحياة، وانهيار القيم كما انهيار بنايات المدينة العتيقة بسبب تكالب القهر وعوامل التعرية..
في كل مرة تتغير الألوان والوجوه والأسماء..لكن التفاصيل هي هي..ألم يقل أحد شيوخ المقاومة ذات استقلال وهو يقوم بعملية تقييم إن اليد هي التي تغيرت، أما المنجل فهو هو..المنجل لم يتغير في المدينة. كل ما يتغير هي الأيدي التي تقبض به لتضرب يمنة ويسرة..لتجهز على بارقة الأمل..الوضع في المدينة أصبح غير مطاق..لا شيء يعجبني في هذه المدينة.
في المجالس اجتماعات وكثير من الكلام والصور. لكن في الشوارع بؤس يزداد في التمدد. لدى النخب الكثير من الصمت والجبن. الكثير من التبريرات والكولسة والهرولة والحسابات والمصالح والمواقع وحب الشهوات.
لم يعد اليسار يسارا في هذه المدينة. أما اليمين، فلا رجاء منه منذ البداية. لم يعد اليساري يوقد الشمعة عوض أن يلعن الظلام. لم يعد يلعن الظلام حتى. لقد تعايش مع الظلام. أصبح جزء من الظلام. يتحرك كالأشباح. يهرول ولا ينتظر سوى الفرصة المواتية. يتخلى في أقرب منعرج. وعندما يصعد إلى الأعلى، يعمل بكل الطرق على تكسير السلم. القيم شعارات في السوق. والصعود إلى الجبل مجرد توطئة للعبور نحو القمة. في انتظار العبور. وبعد الوصول إلى بر الأمان لا التفاتة.
الناس في المدينة فقدوا البوصلة. يمشون دون جدوى. يتيهون دون معنى. يحلمون بالكوابيس وبمطاردات مصاصي الدماء. لا شيء سوى الشعارات الفارغة والكثير من كلام الخشب. ولاشيء سوى البؤس يملأ الفضاءات. والكثير من الصور. صور الخسة والانحطاط والرداءة والتفاهة والدعارة.. صور الألم والانكسار والإحباط والهزيمة. والكثير من عبارات الحقارة والنفاق والهرولة..الكثير من عبارات الخذلان والخيانة والغدر..
تعبر المقالات المنشورة في “منتدى الديار” عن رأي أصحابها، ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر الجريدة