بعد “إعصار” كورونا.. منتجع سيدي حرازم يستعيد عافيته وينتظر تدخلات “قنديل” لإنقاذه من “العشوائية”
مساء يوم أمس الإثنين، وهو آخر أيام عطلة عيد الفطر تبعا لتمديد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عانى منتجع سيدي حرازم من “تضخم” في إقبال الزوار، حيث امتلأت كل المساحات الخضراء بالوافدين، واكتسحت المحلات العشوائية كل الفضاءات، وأعلنت المواقف العشوائية للسيارات عن حالة إشباع لم تكن مألوفة منذ سنوات.
بالنسبة لعدد من الفعاليات المحلية، وأصحاب المحلات التجارية، فإن الأمر يتعلق باستعادة لـ”العافية”، بعد إعصار جائحة كورونا الذي أتى على الأخضر واليابس في منطقة تعتمد بشكل شبه كلي على عائدات السياحة الداخلية. وكل الأنشطة المعهودة في المنتجع، عادت من جديد. أصحاب أحصنة يعرضون خدمة “الجولة” والتقاط الصور، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. وأصحاب كراريس الشاي و”الحرشة” يواجهون طلبات زبناء كثر، وحركة أيديهم لإعداد المطلوب لا تكاد تهدأ..وحتى في المشربة أسفل المنتجع وأعلاه، فإن عارضي خدمة السقاية لا تنتهي، دون أي اهتمام بالتحرش الذي يلحقه ذلك بالرواد الذين تحدوا سياق الأزمة وموجة الغلاء، وقرروا الزحف جماعات وفرادى نحو سيدي حرازم.
أصحاب مواقف السيارات يشهرون مبالغ محددة في أكثر من خمسة دراهم مقابل الركن، وهم غير مكترثين بخدوش هذا الشطط على صورة المنتجع وجاذبية سياحته. وهناك في الأعلى، تنافس محموم في استدراج الزوار لكراء شقق مفروشة في “السخينات”، والذي أعلن بدوره عن ارتفاع كبير في ليالي المبيت.
الغائب الوحيد في المنتجع هو المجلس الجماعي، ومعه السلطات الإدارية. ويظهر أن هذا الغياب المثير هو الذي شجع على اكتساح العشوائية لمختلف أرجاء المنتجع. فقد تم توزيع كل المساحات الخضراء إلى بقع بين عدد من الماسكين بأمور التجارة العشوائية بالمنطقة، وتحولت هذه البقع إلى فضاءات كراء لفائدة الزوار مقابل أثمنة لا تقل عن عشرون درهما، دون احتساب فاتورة ما تم استهلاكه.
وفي أعلى المنتجع، لا زالت تداعيات الحرائق التي التهمت عددا مهما من المحلات التجارية واضحا. فقد تحول جزء مهم من الفضاء إلى ما يشبه الخراب. واللافت أن الوضع ترك لحاله.
“متى سيتم إصلاح هذا الوضع؟”، تسأل “الديار” أحد الباعة بالقرب من هذا “الدمار”. أما الجواب، فإنه لم يتأخر: “عندما يرغب الرئيس قنديل”، الرئيس الذي ظل لعدة عقود على رأس الجماعة، لكنه في كل مرة يغير لون الحزب. فقدى ارتدى قبعة حزب التقدم والاشتراكية، ثم رفع ميزان حزب الاستقلال، ثم مصباح العدالة والتنمية، وتحول في منعرج وصف بالكبير نحو حزب التجمع الوطني للأحرار.
وظهرت في أعلى المنتجع بعد عودة الانتعاشة محلات جديدة لتقديم المأكولات. ومن الواضح، طبقا للمعاينة، أن هذه المحلات تم تشييدها مؤخرا بعدما كان هذا الجزء من المنتجع مقتصرا على محلات تسوق منتوجات الصناعة التقليدية، وفي الجهة الأخرى مقاهي صغيرة ومحلات تجارية. غياب الجماعة والسلطات، والرغبة الجامحة في تجاوز تداعيات الجائحة، عوامل أثرت بشكل كبير على معالم المنتجع. وفي غياب أي مقاربات مؤسساتية للتنمية، فإن المنتجع مقبل على المزيد من زحف العشوائية والتي يشير عدد من المتتبعين إلى أنها تكرس خزانات انتخابية تساعد الأعيان على العودة بشكل مستمر، لأن الكتلة الناخبة تعيش الهشاشة، وتتخوف من أن تؤدي تغييرات في الخريطة، إلى تبخر المصالح.
سياحة المنتجعات
قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء، في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين حول موضوع: “السياسة السياحية الوطنية”، إن قطاع السياحة أثر بشدة إثر أزمة كوفيد، الأمر الذي كان له تداعيات سلبية وخيمة سواء على التشغيل أو على أداء قطاعات أخرى مرتبطة به بشكل مباشر أو غير مباشر، فقد انخفض على سبيل المثال عدد السياح الوافدين على بلادنا بنسبة 79 % سنة 2020، و 71 % سنة 2021 مقارنة مع سنة 2019 التي كانت سنة مرجعية، وهو ما شكل خسارة كبيرة تقدر بــــــــ 90 مليار درهم بالنسبة لمداخيل بلادنا من العملة الصعبة .
ولمواجهة هذه الأزمة عملت الحكومة بشكل استعجالي وتشاركي مع المهنيين والمتدخلين في القطاع على تنفيذ مخطط استعجالي بقيمة 2 مليار درهم، في عز الأزمة الصحية العالمية، في سابقة هي الأولى من نوعها ببلادنا، لمواكبة التعافي والإقلاع الاقتصادي، وهو ما مكن من إنقاذ القطاع من الانهيار في ظرفية اقتصادية عالمية صعبة وقاسية.
وأشار إلى أن المخطط الاستعجالي الذي وضعته الحكومة تكلل بالنجاح، حيث مكن من دعم فاعلي القطاع السياحي، ومساعدة المقاولات السياحية على تجاوز الآثار السلبية لجائحة كورونا، والحفاظ على مناصب الشغل.
وأورد رئيس الحكومة أن القطاع السياحي هو قطاع سريع التأثر بالأزمات، مما بات يستدعي وضع تصور شمولي حول نموذج مغربي مبتكر لسياحة مستدامة قادرة على مواجهة التحديات على اختلاف أشكالها، سواء الصحية منها، أو البيئية، أو الاقتصادية. وتحدث، في هذا الإطار، عن السياحة الثقافية والقروية والجبلية والإيكولوجية، مما سيمكن بلادنا من استقطاب شريحة متنوعة من الزوار على مدار السنة.
وأكد أن السياحة الداخلية تعتبر ركيزة أساسية من ركائز القطاع السياحي نظرا لقدرتها على الصمود أثناء الأزمات، مسجلا بأن الحكومة تعمل على وضع أسس متينة لتطوير مستدام للسياحة الداخلية بجعلها رافعة لإنعاش القطاع السياحي، وذلك من خلال تشجيع الاستثمار لتطوير وحدات فندقية وقرى سياحية تناسب خصوصيات المغاربة من حيث المنتوج والأسعار؛ وإحداث بطاقة السفر ” نتلاقاو في بلادنا ” التي تمنح تخفيضات في الأثمنة على مستوى التنقل عبر القطارات من أجل تشجيع المغاربة على التنقل واكتشاف الثروات السياحية لبلادهم؛ والعمل على تطوير المخيمات السياحية لتقديم خدمات بجودة عالية وأثمنة مناسبة وذلك بشراكة مع فاعلين دوليين رائدين في المجال.
وقال إن هذه الإجراءات تهدف إلى توفير عروض سياحية لجميع الفئات الاجتماعية، وبأسعار تفضيلية للسائح الوطني، من خلال تسهيل الولوج للخدمات السياحية الداخلية، حتى نساهم في تحقيق واحد من أبرز رهانات” الدولة الاجتماعية”، المتمثلة في العدالة الاجتماعية.