اقتناء لوحات بـ7 ملايين!.. “الديار” تكشف تفاصيل “صفقة” مثيرة بجماعة صفرو ومنظمة لحماية المال العام تدخل على الخط
حصلت جريدة “الديار” على معطيات حول “خروقات” مفترضة في تدبير بلدية صفرو، على عهد الوزير السابق عبد اللطيف معزوز، الذي كان رئيسا للمجلس الجماعي في الفترة ما بين 2009 و2015.
وتتعلق هذه المعلومات، التي وصفتها فعاليات بـ”الخطيرة”، بـ”صفقة اقتناء لوحات فنية حول التراث التاريخي للمدينة العتيقة لصفرو”.
وفي التفاصيل، قالت مصادر جريدة “الديار” إن المجلس الجماعي لصفرو، على عهد الوزير معزوز، قرر، في ظروف غامضة، اقتناء 10 لوحات فنية للمدينة القديمة لصفرو، من جمعية “الرسالة للتربية والتخييم” فرع صفرو. “وهي للإشارة جمعية “قريبة”، كما تُقدم إعلاميا، من حزب العدالة والتنمية، الذي كان عضوا مشاركا في تحالف الأغلبية، وممثلا في المكتب المسير للمجلس الجماعي في تلك الفترة”، توضح مصادرنا.
“بل أكثر من هذا، تورد المصادر، فإن أحد أعضاء المكتب المسير لجماعة صفرو عن حزب “المصباح” في تلك الفترة، كان يشغل، في نفس الوقت، منصب مستشار في مكتب الجمعية المذكورة، وفق محضر جمعها العام بتاريخ 12 أبريل 2015، حصلت جريدة “الديار” على نسخة منه.
المصادر أفادت بأن “سند الطلب” (Bon de commande) رقم 21 بتاريخ 20 أبريل 2015، التي تم بموجبه اقتناء 10 لوحات بمبلغ 7 ملايين سنتيم، تم منحه بشكل مباشر لجمعية “الرسالة”، ربما، خارج القانون وفي تضارب سافر للمصالح. “والمثير، تضيف، “الصفقة” تمت بعيدا عن شروط المنافسة، رغم أن القانون الأساسي للجمعية لا يشير في أي فقرة أو مادة إلى “البيع” والاتجار في اللوحات الفنية أو غيرها”.
لكن، كيف تم منح الجمعية “المحظوظة” 7 ملايين سنتيم من المال العام، بدون رسوم ضريبية، حسب نسخة من “الفاتورة” (الوثيقة 1)، بشكل مباشر وبدون تقديم 3 “بيانات أثمان” (Devis Contradictoires)، وفق مسطرة الصفقات العمومية المعمول بها آنذاك؟
“هنا تكمن الخطورة!”، ترُد المصادر، مبرزة أن نائبا للرئيس معزوز، عن حزب الحركة الشعبية، وقَع على مذكرة، بتاريخ 20 أبريل 2015 (الوثيقة 2)، يوما واحدا قبل “سند الطلب”، يؤكد من خلالها (المذكرة) على “استحالة” الحصول على 3 “بيانات للأثمان”، بدعوى أن “سند الطلب” لا يمكن أن يكون موضوع “منافسة” لأن اللوحات المراد اقتناؤها لا يمكن الحصول عليها إلا من جمعية “الرسالة للتربية والتخييم”!، مستغلا “الجزء الثاني – الفقرة الرابعة” من المادة 88 من المرسوم 2-12-349 المتعلق بالصفقات العمومية.
وزادت المصادر أن توقيع النائب، عن حزب “السنبلة”، المشتبه، ربما، في تورطه في سوء التدبير وتبديد المال العام في هذه القضية، يظهر في جل الوثائق الخاصة بهذه الصفقة المثيرة للجدل، حسبها، وكذلك في بعض المراسلات الموجهة إلى الخزينة العامة للمملكة، نتوفر على نسخة منها أيضا، قبل أن يدخل جمال الفلالي، خلف الرئيس الاستقلالي معزوز على رأس جماعة صفرو، عن “البيجيدي”، ليتمم مسطرة عملية “الشراء”، ويوقع على الوثائق اللازمة لتحويل مبلغ الصفقة إلى الجمعية (الوثيقة 3).
وهنا تطرح أكثر من علامة استفهام حول المعايير التي تم بموجبها إصدار تلك المذكرة المثيرة للجدل، وفق تعبير مصادرنا، قبل أن تسترسل باستنكار: “لماذا اختار المجلس هذه الجمعية تحديدا؟ وما هي أسباب تغييب جمعيات أخرى، مثلا، من المنافسة؟ ولماذا لم يتم الرجوع إلى فنانين آخرين معروفين بإبداعاتهم في الرسم أو التصوير؟، قبل أن تضيف، في سياق حيرتها دائما: “والأهم من كل هذا.. لماذا يُصر صاحب اللوحات الأصلي على”التخفي” وراء “جمعيات” و “شركات”، لا تربطه بها علاقة رسمية، في تعاملاته مع الجماعة منذ تلك الفترة إلى الآن؟”، مقدمة عدة أمثلة حول هذه “التعاملات المريبة”، لعل أبرزها “العمل” الذي تم إنجازه في مدخل المدينة، إضافة إلى “مهرجان” فاشل، تورط فيه المجلس السابق.
هذا، وعلمت جريدة “الديار” أن المنظمة المغربية لحماية المال العام تعتزم تقديم ملتمس إلى رئاسة النيابة العامة، لدى محكمة النقض بالرباط، بفتح تحقيق في ملف هذه “الصفقة”، وفي أسباب إصدار مذكرة لتبرير عدم عرضها للمنافسة، خصوصا أن الأمر يتعلق بالمال العام.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تكون فيها فترة رئاسة الوزير معزوز لجماعة صفرو محط جدل واسع، فقد كشفت جريدة “الديار” في مقالات سابقة عن فضيحة “تعمير” ومنح رخصة مطابقة مخالفة للواقع بإحدى الوحدات الصناعية، في تلك الفترة.