فوضى ركن الشاحنات في الشوارع الرئيسية لصفرو.. حادثة سير تعري عن فضائح “الاتجار” في مرضى “القصور الكلوي”

كشفت حادثة سير خطيرة بمدخل مدينة صفرو، من جهة طريق المنزل، عن معطيات مثيرة حول معاناة مرضى القصور الكلوي، كما فضحت “جشع” بعض الأطباء.

وفي التفاصيل، فقد ارتطمت سيارة، في حدود الواحدة صباحا من يوم السبت الماضي، بإحدى الشاحنات الكبيرة المركونة بالشارع العام، اعتقد الحاضرون، في أول الأمر، أنها سيارة أجرة من الحجم الكبير، تقل مسافرين لقضاء عيد الأضحى مع أهاليهم، قبل أن يتضح أنها سيارة خاصة تنقل 7 اشخاص إلى إحدى “العيادات” من أجل إجراء حصة لتصفية الدم، لمعاناتهم من مرض “الفشل الكلوي”.

وخلفت الحادثة إصابات متفاوتة الخطورة، لدى ركاب السيارة (5 نساء ورجلان)، في الوقت الذي نجا فيه السائق بأعجوبة، حيث تم نقلهم على وجه السرعة إلى مستعجلات المستشفى الإقليمي لصفرو، قبل أن يتم توجيه الراكب في المقعد المحاذي للسائق إلى المستشفى الجامعي بفاس، بسبب الإصابة البليغة التي تعرض لها على مستوى الرأس.

“أنحدر من المنزل، وبيننا من ينحدر من دواوير تابعة للزاوية (جماعة عين تمكناي)، وكنا في طريقنا لإجراء حصة تصفية الدم لمعاناتنا من المرض منذ فترة”، تصرح إحدى المصابات في الحادثة لجريدة “الديار”، مؤكدة أن الطبيب اختار إجراء حصة “الدياليز” لهم، في الساعات الأولى من يوم السبت، لكون الموعد الأصلي لإجرائه يتزامن مع يوم الاثنين، وهو يوم عيد الأضحى.

وأكدت المتحدثة نفسها، والتي تعرضت، ربما، لكسر في يدها، أنها ومرافقيها يخضعون لحصتين في الأسبوع، حيث يتكلف سائق بنقلهم من مساكنهم إلى “العيادة”، ليعيدهم بعد نهاية الحصة، مبرزة، في رد على استفسار لجريدة “الديار”، أنهم لا يؤدون مقابلا عن حصص “تصفية الدم” لتوفرهم على “التغطية الصحية” (AMO).

لكن، لماذا لا يستفيدون من النقل الذي خصصته “الدولة” لمرضى “القصور الكلوي”؟ وماذا يستفيد الطبيب من توفير سائق ونقل خاص لمرضاه؟

مصدر طبي أوضح، في رده على استفسارات جريدة “الديار”، أن من بين مرضى “القصور الكلوي” من يختار العيادات الخاصة لإجراء حصص تصفية الدم، بينما يختار البعض الآخر المراكز التابعة لوزارة الصحة.

وشدد المصدر نفسه على أن وزارة الصحة، بشراكة مع مصالح الداخلية بأقاليم جهة فاس مكناس تمكنت من توفير نقل يستجيب لشروط السلامة ويحفظ كرامة مرضى “الفشل الكلوي” وبالمجان، إلى مراكز التصفية التابعة للدولة بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وبإقليم صفرو هناك سيارتين، واحدة في ملكية جمعية دعم مرضى القصور الكلوي، وأخرى تابعة لجماعة المنزل، تتكفلان بنقل المرضى مجانا إلى مركز تصفية الكلي بصفرو حسب مقر السكنى.

وفي حالة ضحايا حادث السير، أكد المتحدث نفسه، اختار عدم الكشف عن هويته، أنهم اختاروا العلاج في القطاع الخاص، ربما، بسبب الإغراءات التي قدمت لهم، من بينها توقيت إجراء حصص “الدياليز”، وكذا توفير النقل من محل سكناهم إلى “العيادة”، والعكس، رغم أن عملية النقل تتم في ظروف مزرية، مشيرا إلى حالة ضحايا حادثة السير، الذين تم تكديسهم في السيارة، قبل أن يطرح تساؤلا حول “تأمينهم” بعد الحادث.

“ليس هذا فقط، هناك من يقترح مقابلا ماديا على مرضاه قد يصل في بعض الحالات إلى ألف درهم شهريا، بالإضافة إلى النقل، من أجل جلب أكبر عدد من المرضى، أو “الزبائن” في هذه الحالة، وفق تعبيره، خصوصا بعد تعميم “التغطية الصحية”، يورد المتحدث نفسه.

وعدد مصدرنا الأرباح التي يجنيها بعض الأطباء، موضحا أنه بالإضافة إلى التعويضات العادية عن الحصص، هناك اتهامات لبعض الأطباء باستغلال وضعية المرضى، حيث تتم، ربما، “فوترة” 3 حصص في الأسبوع بينما يخضع المرضى لحصتين فقط. “الاتهامات بالتلاعب تطال، كذلك، حتى المدة الخاصة بكل حصة من حصص “الدياليز”، يضيف مصدرنا.

ومن جهة أخرى، عبرت فعاليات مدنية بصفرو عن غضبها من سياسة “التغاضي” التي تواجه به السلطات المختصة ظاهرة وقوف الشاحنات بالشوارع الرئيسية للمدينة.

واعتبرت المصادر نفسها أن مدينة صفرو الوحيدة، على المستوى الوطني، التي يسمح مسؤولوها، للشاحنات و”الرموكات” وسيارات “الديباناج” بالوقوف في الشوارع المهمة والرئيسية، في تجاهل للمخاطر التي تخلفها، مشيرة إلى ضحايا حادثة سير مرضى “الدياليز” السبت الماضي والأضرار المادية التي نجمت عنها.

“بالإضافة إلى خطر الارتطام، فإن ركن الشاحنات يحجب الرؤية عن مستعملي الطريق مما يفاقم خطر وقوع حوادث قد تكون مميتة لا قدر الله”، تشرح مصادرنا.