نقص في التجهيزات وخصاص مهول في الأطر ومواعيد طويلة ومشاكل تدبيرية مزمنة؟.. “الجمعية” تشخص “الأعطاب الكاملة” للصحة بتازة

لا زال تدهور الوضع الصحي بإقليم تازة يسيل الكثير من المداد، حيث دخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع تازة، على خط الانتقادات الحادة الموجهة إلى المسؤولين المشرفين إقليميا وجهويا ومركزيا على القطاع، في سياق منظومة “مهترئة”.

وقالت الجمعية الحقوقية، في بلاغ توصلت جريدة “الديار” على نسخة منه، إنه في إطار التقارير الموضوعاتية التي دأب الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتازة على إنجازها في رصد وضعية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من قبل لجنة رصد ومتابعة الخروقات، أعدت هذه الأخيرة تقريرا مفصلا في مجال الحق في الصحة كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، من أجل الوقوف على واقع فعلية الولوج للحق في الصحة بهذا الإقليم وتشخيص الاختلالات التي تعيق تحقيق إعمال هذا الحق وتطوره.

وأشارت، وفق المصدر نفسه، إلى أن التقرير اعتمد في مضامينه على العديد من الشكايات الواردة على الفرع من قبل المواطنين والمواطنات، وعلى ما ورد في بلاغات وبيانات صادرة عن مختلف الهيئات النقابية العاملة في مجال الصحة، وكذا على ما ينشر من تقارير صادرة عن مختلف المواقع الإعلامية المحلية والجهوية والوطنية، وما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي، خاصة ما يهم الوضع الصحي بالمركز الاستشفائي الإقليمي ابن باجة.

فعلى المستوى الإقليمي، أكدت “الجمعية” على الخصاص الحاد في الأطر الطبية والتمريضية، وخاصة في المراكز الصحية القروية، بوجود 22 مركزا صحيا بدون طبيب وسبعة عشر(17) مركزا صحيا، يعمل بممرض واحد فقط. إضافة إلى تهالك وتقادم العديد من بنايات المؤسسات الصحية، والنقص الحاد في التجهيزات واللوازم الأساسية للعلاج والتطبيب والأدوية، مسجلة خصاصا حادا في الأطر الطبية والتمريضية في المراكز الصحية بتاهلة وواد أمليل وأكنول، وعدم توفر المراكز الصحية على دار ولادة، وافتقاد الإقليم لمستشفيات القرب، وهي مطالب ملحة للساكنة في كل من تاهلة وواد أمليل وأكنول وتايناست.

أما على مستوى المركز الاستشفائي الإقليمي ابن باجة، فقد أشارت، حسب نص البلاغ، إلى الخصاص المهول في الأطر الطبية وشبه الطبية، مما يؤثر على خدمات مختلف المصالح الصحية بالمركز الاستشفائي الإقليمي ابن باجة، وخاصة بمصلحة المستعجلات، ومصلحة الولادة.. مع تسجيل توقفات متكررة وطويلة لإجراء العديد من العمليات الجراحية بسبب تعطل الأجهزة “البيوطبية” التي تعاني من ضعف الصيانة؛

وزادت، في السياق ذاته أن المستشفى يعرف: “نفاذ الأدوية والمستلزمات الطبية والصيدلية بجميع أقسام، وإجبار المرضى المعوزين على اقتنائها، وعجز بنك الدم على تلبية احتياجات مرضى الإقليم وإجبارهم للانتظار لأسابيع للحصول على كيس دم، وغياب العديد من التخصصات الطبية الضرورية بالمستشفى، تدفع الساكنة للجوء إلى عيادات الطب الخاص محليا أو التنقل إلى جهات أخرى خارج الإقليم، إن وجدت لها مكانا في المستشفى الجامعي بفاس، مما يزيد من معاناة المرضى المعوزين”

وأبرزت التأخير الكبير في العمليات الجراحية التي تتطلب تدخلا آنيا، مع إثقال كاهل المرضى بفرض أداءات ومصاريف إضافية تتعلق باقتناء لوازم العمليات الجراحية، مضيفة أن المواعيد التي تعطى للمرضى في المستشفى، بخصوص الفحوصات والعمليات الجراحية تتسم بكثير من التأخير الذي يصل شهورا عديدة، فالمواعيد الطبية لتشخيص أشعة الثدي مثلا، قد تفوق السنة.

وقدمت الجمعية الحقوقية مثالا بقسم الأشعة، حيث لا يتوفر المستشفى سوى على طبيبة واحدة بمصلحة الأشعة بدل أربعة أطباء كانوا في السابق، وهو الأمر الذي يؤثر سلبا على مسار العلاج، وصارت معه مواعيد إجراء الفحوصات بالأشعة تتطلب من المرضى شهورا من الانتظار، مع ما يمثله ذلك من خطر فعلي على حياتهم، وخاصة الحالات المستعجلة كحالات الجلطات الدماغية، والأزمات القلبية، وضحايا حوادث الشغل، وهي حالات تتطلب السرعة والنجاعة في التدخل.

وذكرت، في نفس الوقت بالنقص الحاد للأطباء في العديد من التخصصات خصوصا تخصصات الأشعة، التخدير والإنعاش، والنساء والتوليد، جراحة المخ والأعصاب… إضافة إلى الخصاص المهول في الأطباء العامين سواء على مستوى المركز الاستشفائي أو المراكز الصحية.

كما تحدث البلاغ عن وجود مشاكل تسييرية مزمنة ومستفحلة للإدارة الصحية بالإقليم، وعدم جدية المسؤولين إقليميا وجهويا في التعاطي مع المشاكل البنيوية التي تؤثر على جودة العرض الصحي بالإقليم وذلك رغم الاحتجاجات النقابية التي استمرت لسنوات. قبل أن تكشف عن تعرض الأطر الصحية للتعنيف بسبب غياب الأمن.

“إن فرع تازة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إذ يسجل تدهور الخدمات الصحية وتراجع الوصول للعلاج بالنسبة للمواطنين والمواطنات بالإقليم، وإفلاس المنظومة الصحية وفشلها في تأمين الحماية الواجبة للمواطنين والمواطنات، يطالب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالتدخل من أجل تحسين الخدمات الطبية بكل من المستشفى الإقليمي ابن باجة والمراكز الصحية الحضرية والقروية، وتوفير الأطر الطبية والتمريضية الكافية وتوفير التقنيين وكل الوسائل الضرورية لضمان جودة الخدمات الطبية”، يورد المصدر نفسه.

كما طالب بتأهيل الوحدة الصحية للأمراض العقلية والنفسية، وإعادة تشغيل وتأهيل المستشفى ابن رشد بتازة العليا لتخفيف الضغط المتنامي على المستشفى الإقليمي، مع التعجيل بتعيين أطباء اختصاصيين في أمراض النساء والتوليد وتوفير الحد الأدنى من الخدمات الصحية للنساء الحوامل.