ضحية حسابات “شخصية”؟.. كواليس مثيرة لقرار إعفاء متصرف تربوي بتاونات تضع “المديرية” في قفص الاتهام

توصل بقرار إعفائه من مهام الإدارة التربوية في نفس اليوم الذي وضع فيه الجواب عن أحد الاستفسارات الموجهة إليه، ما جعله يصف القرار بـ”الظالم”.

هو جانب من قصة متصرف تربوي وجد نفسه ضحية لـ”صراع” مع أستاذ للرياضيات، وصفته نقابة بـ”الشخصي”، ليرفع تظلما بـ”تفاصيل التفاصيل ” إلى مدير أكاديمية التعليم بجهة فاس مكناس، يشتكي من “تعسف” المديرة الإقليمية بتاونات، بينما تعري حكايته عن واقع “النفوذ السلبي” للممارسة النقابية، واستغلالها لتصفية الحسابات، ربما، بتواطئ من مصالح المديرية.

جريدة “الديار” تقدم، فيما يلي، القصة الكاملة لـ”إعفاء” مدير ثانوية تأهيلية بإقليم تاونات، وفق معطيات ووثائق رسمية حصلت على نسخ منها:

بتاريخ 28 أكتوبر الماضي، توصل متصرف تربوي، يشغل مهام مدير ثانوية تأهيلية بقرار إعفاء موقع من طرف المديرة الإقليمية للتعليم بتاونات، مستندة في قرارها على تقرير للجنة الإقليمية المكلفة بالبحث والتقصي في الثانوية التي يديرها مؤرخ في 2 ماي 2024، وتقرير أخر مؤرخ في 14 أكتوبر 2024.

وسجل قرار الإعفاء قيام المدير بمجموعة من الاختلالات مرتبطة بطريقة تدبيره للأطر التربوية وعدم اتخاذ الإجراءات الإدارية في حق بعضهم، وعدم تطبيق مقتضيات المراسلات الجهوية.

كما تحدث قرار المديرة الإقليمية عن عدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع اللجنة الإقليمية بالثانوية والسماح لأعضاء مكتب جمعية آباء وأمهات التلاميذ بالاستمرار في تحمل المسؤولية في المكتب التنفيذي للجمعية رغم فقدانهم للعضوية، بالإضافة إلى نقاط أخرى لعل أبرزها عدم تقديم تقرير لمجالس الأقسام أو مجالس المؤسسة يبرر عدم إسناد الأقسام لأستاذ رياضيات بالمؤسسة.

في تظلمه المرفوع إلى مدير الأكاديمية الجهوية للتعليم بجهة فاس مكناس، والذي يلتمس فيه المتصرف التربوي إعمال القانون، قدم توضيحات مفصلة على كل النقاط المتضمنة في قرار الإعفاء، مشددا على عدم قانونية تقارير اللجان التي زارت الثانوية، قبل أن يسجل أن اللجنتين تتكون فقط من عضوين أحدهما مفتش في التخطيط والآخر مفتش التعليم الابتدائي، وهو ما يتعارض مع مذكرة تنص وجوبا على أن لجنة البحث والتحري يجب أن تتضمن 3 أعضاء على الأقل من ذوي الاختصاص ولهم صلة بمهام الموظف المخل بالتزاماته المهنية.

وأورد ضحية الإعفاء أنه توصل باستفسار بناء على تقرير اللجنة الأولى بدون رقم تسلسي، قام بالجواب عنه في الآجال المحددة، مبرزا أنه قدم كل التوضيحات مدعومة بالوثائق اللازمة، ليكشف، في مفاجأة، أن المديرة الإقليمية اقتنعت بتوضيحاته، وتم حفظ الملف، قبل أن يتم إخراجه، في ظروف غامضة، لتبرير الإعفاء، ما يطرح عدة تساؤلات حول مشروعيته، وفق تعبير المصادر.

وبخصوص اللجنة الثانية، تحدث المشتكي، في تظلمه، عن واقعة مثيرة تتعلق بتوصله بقرار الإعفاء في نفس اليوم الذي أجاب فيه عن استفسار المديرة الإقليمية حول ما جاء في تقريرها، مذكرا بكون الاستفسار تضمن عبارة “قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة في حقكم أطلب منكم موافاة المديرية الإقليمية ببياناتكم المفصلة في الموضوع”. “والحالة هاته نستنتج أن الإجراء اتخذ دون الالتفاف إلى الجواب الذي قدمته عن هذا الاستفسار”، يشرح المصدر نفسه.

المتصرف التربوي لم يكتف فقط بالتعليق على تقارير لجن البحث والتقصي، بل قدم معطيات ووثائق تكذب ما جاء في قرار الإعفاء، وكذلك تفاصيل الأجوبة عن استفسارات المديرة الإقليمية للتعليم بتاونات، والتي يتكرر فيها اسم أستاذ للرياضيات، والذي يشتبه في وقوفه وراء شكايات “كيدية” و”مجهولة”، حيث سبق أن قدم في شأنه تقريرا مفصلا حول تظلماته.

ومن المفاجآت المثيرة، والتي كشفت عنها الوثائق الرسمية، التي اطلعت عليها جريدة “الديار”، بما فيها محضر اجتماع، أن الأستاذ المعني رفض توزيع المستويات والأقسام، رغم إقرار مفتش المادة وأعضاء اللجنة بأنه قانوني وتربوي ولا تشوبه أيه شائبة، حيث طالب بتدريس أحد الأقسام بحجة أنه يريد تدريس ابنته المسجلة فيه

المدير المعفى من مهامه، لم يكتفي بهذا فقط، بل قدم شواهد مدرسية لتلاميذ في المؤسسة مع لائحة بأسماء أعضاء مكتب جمعية أمهات وآباء التلاميذ ليظهر زيف الادعاءات التي تم الاستناد عليها لإعفائه من مهامه.

وفي تطور لافت للملف، دخل كل من المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم بتاونات، والفرع الإقليمي للنقابة الوطنية لأطر الإدارة التربوية بتاونات، على خط “الإعفاء” حيث عبرا عن استيائهما لما آلت إليه الأوضاع بمديرية تاونات، بعد وقوفهما على جملة من الاختلالات التربوية والمالية والإدارية والمادية.

وفيما يتعلق بقضية إعفاء المتصرف التربوي المذكور أشارت النقابتان، في بلاغ توصلت جريدة “الديار” بنسخة منه، إلى افتقار لجن التقصي لعنصر الحياد، حيث اعتبراها مسؤولة عن تأجيج الوضع داخل الثانوية التأهيلية، مسجلة جعل القيام بالمهام الإدارية المنصوص عليها في المراسيم والمذكرات بمثابة صراع شخصي.

كما فند المصدر ذاته اتهام رئيس المؤسسة بإشعال فتيل الصراع النقابي داخل الإقليم، قبل أن تشير إلى عدم تقدير المجهودات التي بذلها من تفعيل لأنشطة الحياة المدرسية داخل المؤسسة والنتائج المشرفة لتلميذات وتلاميذ المؤسسة خلال الموسم الدراسي الفارط.

“توجيه صك اتهام الجاهز لرئيس المؤسسة من طرف اللجنة دون أخذ وجهة نظر مختلفة أو الاستماع لها بحيادية”، من النقط التي سجلها البلاغ، قبل أن يعري، أيضا، عن تستر مصالح المديرية الإقليمية بتاونات على المراسلات والوثائق الموجهة من وإلى المديرية الإقليمية، في إشارة، ربما، إلى ما يتم تداوله حول تواطئ من بعض الموظفين،يشتبه في منعهم مراسلات ووثائق من الوصول إلى المسؤولين.

هل سيتدخل فؤاد ارواضي، مدير الأكاديمية لإنصاف المدير “المعفى” ظلما وعدوانا، حسب التوضيحات التي تقدم بها في مرفقات تظلمه؟..

لنتابع  تطورات القضية التي خلقت جدلا واسعا داخل أسرة التعليم في الجهة.