شيكات “على بياض” و”تهديد” و”أدلة زائفة”.. تفاصيل خطيرة تنشر لأول مرة في فضيحة “الفساد الانتخابي” بصفرو
الاثنين 25 نونير القادم ستعقد ثاني جلسة لمحاكمة المتهمين في “الفساد الانتخابي” بالقنيطرة، بعد اعتقالهم ومتابعتهم بتهم تتعلق بـ«الاستمالة من أجل تحصيل صوت انتخابي مقابل رشوة والارتشاء، والمشاركة»، وذلك على خلفية انتخاب رئيس مجلس القنيطرة الجديد بعد عزل الرئيس السابق.
في نفس التاريخ (الاثنين)، ينتظر أن يتم تأجيل، ربما للمرة الرابعة، محاكمة 6 منتخبين ومقاول، يشتبه في تورطهم في “الفساد الانتخابي” بصفرو، والمتابعين في حالة سراح بكفالات مالية ثقيلة، تتراوح بين 3 ملايين سنتيم و5 آلاف درهم، بسبب عدم توصل أغلبهم بـ”الاستدعاءات”، بعد ثماني أشهر تقريبا على إحالة الملف من طرف قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية بصفرو على المحاكمة، حيث حُدد تاريخ 25 ماي الماضي كأول جلسة.
جريدة “الديار”، وفي إطار متابعتها للقضية، التي هزت الرأي العام، تعيد “سيناريو” الفضيحة انطلاقا من معطيات خطيرة، تنشر لأول مرة، حول اللجوء إلى “الشيكات” في التحالفات السياسية، و”التهديد” للتأثير في أصوات الناخبين، بالإضافة إلى “إهانة الضابطة القضائية بتقديم أدلة زائفة” للخروج من ورطة “الفساد الانتخابي”.
“الشيكات” لانتخاب رئيس جديد!
بعد استقالة الرئيس السابق، بسبب “الصراعات” و”البلوكاج” الذي عرفته الجماعة، إثر خروج 7 مستشارين من الأغلبية والتحاقهم بالمعارضة، احتدم الصراع في المجلس الجماعي لمدينة صفرو بين مرشحين اثنين للحصول على منصب الرئيس، مع انطلاق “حرب” التحالفات والاستقطابات، في محاولة لـ”تأمين” و”ضمان الولاءات”، من كلا الجانبين، من أجل الحصول على أغلبية الأصوات خلال جلسة اختيار الرئيس الجديد.
في خضم ذلك، ستتم مطالبة “ضحية” ملف “الفساد الانتخابي” في صفرو، بتقديم “شيك” من أجل إثبات “حسن النية”. وتقول مصادر جريدة “الديار” المطلعة إن صاحب الطلب لم يكن سوى (ز.و)، المتهم الرئيسي في القضية والمتابع بكفالة 3 ملايين سنتيم، بعد أبلغه بأن الأعضاء السبعة، الذي غادروا أغلبية الرئيس السابق والتحقوا بالمعارضة أو الأغلبية الجديدة، سبق أن وضعوا رهن إشارة “قائد” مجموعتهم (ح.ح)، شيكات “على بياض” غير مضمنة المبالغ.
“ومن أجل إثبات حسن النية والحفاظ على المجموعة، وجب على أعضاء المعارضة السابقة تقديم شيكات أيضا”، تورد المصادر، مضيفة أنه أمام عدم توفر (ع.ش)،”المطالب بالحق المدني” في الملف إلى جانب المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، على دفتر شيكات، وأمام إصرار المتهم الرئيسي وجد نفسه مضطرا إلى الاستعانة بدفتر شيكات زوجته، بعد أن عبر عن رفضه للأمر في أول الأمر، مسجلة أنه قام بتسليم شيك زوجته في منزل المستشارة (ص.ب)، بعد أن بلغ إلى علمه أن جميع أعضاء المجموعة قدمت “الشيكات” للمرشح للرئاسة.
“على بياض” تتحول إلى 40 مليون
حكاية (ع.ش)، الضحية في ملف الفساد الانتخابي المعروض على القضاء، أكدها التصريح المثير، والذي خلق جدلا واسعا وأعاد الملف إلى واجهة الأحداث، في برنامج “محقق الشعب” على “يوتيوب” والذي تضمن اعترافا صريحا لمستشارة بتسليم شيك في إطار الإستقطابات والتحالفات من أجل إعادة انتخاب رئيس جديد للمجلس.
كما تكررت نفس التفاصيل الخطيرة على لسان عدد من أعضاء المجلس الجماعي، المنخرطون في نفس التحالف، حيث شددوا على أنه طُلب منهم تقديم شيكات من أجل إثبات حسن النية وللحفاظ على تماسك المجموعة، إسوة بما قام به “المنسحبون” من أغلبية الرئيس السابق لجماعة صفرو، حيث تمت مفاتحتهم في الموضوع، في أحد المكاتب بـ”المدينة الجديدة”، تعود ملكيته إلى المتهم الأول في الملف، قبل أن تتم مطالبتهم في آخر المطاف، بمنزل (ص.ب)، بتضمين الشيكات 40 مليون سنتيم.
“أكثر من هذا، فقد اعترفت (ج.ب) و(م.ض) بتسليم الشيكات لدى الاستماع إليهما من طرف عناصر الشرطة القضائية، خلال مرحلة البحث، حيث أرجعت العضوتين إقدامهما على تلك الخطوة إلى الضغوط التي تعرضتا لها ولانعدام التجربة الانتخابية”، تورد مصادر جريدة “الديار”، بينما أكد العضو (ر.ج) كل الوقائع التي جاءت على لسان “الضحية”، منكرا، في نفس الوقت، تقديمه أي “وثيقة مالية” بدعوى عدم توفره على دفتر شيكات شخصي.
وفي إطار الاعترافات الصادمة دائما، تضيف مصادرنا الموثوقة، فقد تمت الإشارة، إلى أن هناك من اطلع على الشيكات الخاصة بالسبع أعضاء، المذكورين سابقا، في اجتماع في بيت (ص.ب)، في إطار استدراج “المترددين” في تقديم الشيك، حيث استعرض أحد الشهود عملية جمع الشيكات بجميع تفاصيلها الدقيقة.
“الخسارة” و”التهديد”
“مباشرة بعد جلسة التصويت على الرئيس الجديد للمجلس الجماعي لصفرو، قرر المستشاران (ع.ش) و(ر.ج) الالتحاق بالأغلبية المسيرة بعد أن التزما بالتصويت على مرشح التحالف الذي قاده (ز.و)”، تتابع المصادر في سردها لحكاية “الفساد الانتخابي”. وفي الوقت الذي لم يتعرض (ر.ج) لأي ضغوط أو تهديد، حسب أقواله، تم التأكيد على أن (ع.ش)، المطالب بالحق المدني، تعرض للتهديد بسحب قيمة الشيك إذا لم يتراجع عن التحاقه بالأغلبية الجديدة.
وأفادت بكون هذه التهديدات “المزعومة” أكدتها تصريحات بعض أعضاء المجلس الجماعي، كانوا شهودا على واقعة تحريض مستشارين للمتهم الرئيسي في الملف من أجل سحب قيمة الشيك، مشيرة في السياق نفسه، إلى إحدى الفصول المثيرة التي عاشها “التحالف” بمدينة تطوان، أياما قليلة على جلسة انتخاب الرئيس، بحديثها عن خلاف حاد نشب بين (ع.ش) و(ز.و)، بعد أن طالب الأول باسترجاع شيك زوجته، وهو ما رفضه الثاني، قبل أن يتدخل أعضاء لتهدئة الوضع، قبل أن تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.
الصدمة.. أو “النقطة” التي فضحت الفساد
الاثنين 29 غشت 2022، بعد شهرين تقريبا على انتخاب رئيس جديد لجماعة صفرو، ستتلقى زوجة (ع.ش) اتصالا هاتفيا من وكالة بنكية، من أجل توفير مبلغ 40 مليون سنتيم، قيمة المبلغ المدون في شيك، لفائدة أحد المنحدرين من منطقة ميسور، لتنقل النبأ “الصدمة” إلى زوجها، حيث عملا على تدبر المبلغ، وضخه في الحساب، قبل ان يتم رفض صرف الشيك لعيوب في تحريره.
المبلغ المطلوب سحبه بالإضافة إلى هوية حامل الشيك، وعلاقته بأحد المقاولين المنحدرين من مدينة ميسور أيضا، سيؤكدان لضحية “النصب” أن التهديد الذي سبق أن تعرض له قد تم تنفيذه، خصوصا أن المقاول (ع.ب)، المتابع في الملف بكفالة 3 ملايين سنتيم أيضا، يُقدم على أنه شريك وصديق للمتهم الرئيسي في هذه القضية.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد تمت إعادة تقديم الشيك لثلاث مرات على الأقل، بعد أن كشفت جريدة “الديار” عن فضيحة “الشيكات الانتخابية، في محاولة ربما للتأثير على التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة، بعد شكاية من المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بصفرو، وربما بغرض إبعاد شبهة “الفساد الانتخابي” وإضفاء صبغة تجارية على الشيك المقدم، ليتم الاستماع إلى حامل الشيك في محضر رسمي، بعد أن دخل في عراك مع الضحية في قلب الوكالة، حيث أكد في أقواله انه تسلم الشيك من المقاول (ع.ب).
تضليل العدالة بأدلة زائفة؟
وأبرزت المصادر أنه عند الاستماع إلى المقاول (ع.ب) انطلق في سرد حكاية حصوله على الشيك، “المُقدم للسحب” من طرف صديقه وشريكه (ي.ع)، حيث أكد في تصريحاته أنه توصل به من طرف رئيس المجلس الجماعي الحالي، في إطار معاملة تجارية، وأنه حصل عليه بعد اتصاله به ولقائه، محددا مكان اللقاء وساعته، ومشددا على انه لم يتسلم الشيك من صديقه (ز.و) وأنه لا دخل له في الصراع الانتخابي بجماعة صفرو.
وفي السياق، أوضحت المصادر أن الخبرة التي خضعت لها هواتف المشتبه في تورطهم في الملف حسمت في ادعاءات المقاول، لتتم متابعته هو الآخر في حالة سراح بكفالة قدرها 3 ملايين سنتيم بعد اتهامه بـ”الإهانة وتقديم أدلة زائفة”.
صك الاتهام
بعد أشهر من البحث، بتعليمات من الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بفاس، وإجراء “خبرة” على هواتف بعض المشتبه بهم في ملف “الفساد الانتخابي” بصفرو ، أحالت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية لصفرو، بتاريخ 18 غشت 2023، المتهمين على قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها لإجراء تحقيق في مواجهتهم، حيث أصر المتهمون على إنكار جل الوقائع التي سردها الضحية والشهود، متشبثين بتصريحاتهم لدى الضابطة القضائية.
وأحيل المشتبه بهم على المحاكمة في ملف تلبسي تأديبي سراح تحت عدد 835/2104/2024 من أجل جنح ” “قبول شيك على سبيل الضمان، والنصب، واستعمال وسائل تدليسية من أجل تحويل أصوات الناخبين، والحصول على أصوات الناخبين ومحاولة ذلك بالوعود بوظائف عامة أو منافع أخرى بقصد التأثير على تصويتهم، وحمل ناخب على التصويت باستعمال التهديد”، حسب الفصلين 129 و540 من القانون الجنائي، والفصول 54 و65 و66 من “القانون 11-57” والفصل 316 من مدونة التجارة، بالنسبة إلى المتهم (ز.و).
ومن أجل “النصب، وإهانة الضابطة القضائية بتقديم أدلة زائفة، والمشاركة في قبول تسلم شيك على سبيل الضمان”، حسب الفصول 129 و264 و540 من القانون الجنائي، والفصل 316 من مجونة التجارة، بالنسبة للمقاول (ع.ب)، صديق المتهم الرئيسي.
كما يحاكم 5 أعضاء أخرين بالمجلس الجماعي لصفرو، بينهم المستشارة (ص.ب)، في حالة سراح بكفالة مالية تتراوح بين مليون سنتيم و5000 درهما، من أجل جنح “المشاركة في قبول شيك على سبيل الضمان، والنصب، واستعمال وسائل تدليسية من أجل تحويل أصوات الناخبين، والحصول على أصوات الناخبين ومحاولة ذلك بالوعود بوظائف عامة أو منافع أخرى بقصد التأثير على تصويتهم”، حسب الفصلين 129 و540 من القانون الجنائي، والفصول 54 و65 و66 من “القانون 11-57” والفصل 316 من مدونة التجارة.
وفي ما يلي روابط التغطية الكاملة التي خصصتها جريدة “الديار” لفضيحة “الفساد الانتخابي” طيلة أزيد من سنتين:
“شيكات” و”ملايين”.. “الديار” تكشف تفاصيل فضيحة “ضمانات انتخابية” بصفرو
عراك وسط البنك و”الديار” تنشر صورة الشيك.. تطورات خطيرة في ملف “الفساد الانتخابي” بصفرو
الشرطة تحجز هواتف سياسيين ومقاول لفائدة الخبرة.. تطورات مثيرة في قضية “الشيكات الانتخابية” بصفرو