صراع سياسي وقانوني يهز جماعة فاس.. مستشار يتحدى العمدة البقالي ويهدد باللجوء إلى القضاء

في تطور مثير داخل أروقة مجلس جماعة فاس وجهت الأخيرة، عبر مفوض قضائي، كتابا توضيحيا إلى المستشار الجماعي أبو مهدي علي أبو الحسن، وذلك على خلفية تصريحات أدلى بها خلال الدورة العادية لشهر فبراير 2025، والتي تضمنت اتهامات خطيرة لرئيس المجلس تتعلق بإدارة ملف الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية.
وجاء في الكتاب التوضيحي، الذي تم تبليغه إلى المستشار الجماعي، أن جماعة فاس تستفسره أو بالأحرى تسائله حول مداخلته التي تم عرضها خلال دورتها العادية لشهر فبراير 2025 والتي تتضمن اتهامات مباشرة لرئيس المجلس تتعلق بالانتقائية في التعامل مع الملفات المتعلقة بالضريبة على الأراضي الحضرية الغير المبنية واتهامه بالمحسوبية كما أكد أنه بين يديه وثائق حقيقية ومعلومات تثبت إعفاء بعض مالكي العقارات من رسوم الأراضي غير المبنية بدون وجه حق وضدا عن القانون.
بالإضافة إلى اتهامه لرئيس المجلس بوجود سماسرة في مدينة فاس يتاجرون في الضرائب المتعلقة بالأراضي الغير المبنية والذين تحولوا إلى وسطاء ضدا عن القانون. وأشار الكتاب، حصلت جريدة “الديار” على نسخة منه، إلى أن المستشار طرح سؤالا على الرئيس وهو كالتالي: لماذا لم يتم تسليم الرخص النهائية للتجزئات السكنية الحديثة البناء خاصة تلك التي لا تحترم المعايير المطلوبة خاصة على مستوى تأهيل الطرق والمعايير المطلوبة في سمك الإسفلت؟ وهو اتهام مباشر للرئيس والمجلس، يفيد محامي الجماعة، تنقصه وسائل الإثبات والوثائق المؤيدة له بحيث لم يتم الإدلاء بأية وثيقة أو لائحة تثبت ما زعم به المعني بالأمر حتى يكون هناك افتحاص داخلي، حسب المصدر.
المصدر نفسه شدد على أن باقي مداخلة المستشار كلها اتسمت باتهامات مباشرة للمجلس والرئيس لا أساس لها من الصحة ومحاولة يائسة للتشهير بهم بدون وجه حق ودون الإدلاء بأية وثيقة أو حجة مؤيدة لمداخلته مما يجعله تحت طائلة القانون الجنائي. وأوردت جماعة فاس أنها توجه كتابها التوضيحي إلى المستشار قصد وضع تفسير لمداخلته المذكورة مما تضمنته من اتهامات مباشرة لرئيسها ومدى تمسكه بها أو سحبها مع إدلائه بالوثائق المزعوم حيازته لها تحت طائلة اللجوء إلى الجهات المختصة من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية وفق المساطر المخولة لها قانونا وذلك داخل أجل 4 أيام من تاريخ توصله بهذا الكتاب مع تحرير محضر للرجوع إليه عند الحاجة.
وردا على استفسار الجماعة، وجه المستشار أبو مهدي علي أبو الحسن، جوابا مع الإشعار بالعزم على رفع دعوى قضائية، نتوفر على نسخة منه، حيث أورد فيه محاميه: “لقد توصل موكلي السيد أبو مهدي علي أبو الحسن المستشار الجماعي بجماعة فاس بكثير من الاستغراب بكتاب محامي الجماعة المؤرخ في 25 فبراير 2025 و المبلغ له عبر مفوض قضائي بمسكنه بتاريخ 6 مارس 2025، المعنون بطلب تبليغ كتاب توضيحي بواسطة مفوض قضائي معتمد. و أنه نظرا لكون هذا الاستفسار الصادر منكم إلى زميلكم داخل المجلس يفتقر إلى الأساس القانوني، كما أنه يشكل سابقة في مجال التعامل بين الفرقاء السياسيين، وتجاوزا لكل الأعراف الديمقراطية المرعية داخل المجالس المنتخبة عبر ربوع التراب الوطني على امتداد تاريخها و يؤسس لنوع جديد من التعاطي مع مفاهيم حرية التداول و الحق في حرية التعبير عن الرأي و الديمقراطية التشاركية وحقوق المعارضة التي كرسها دستور المملكة و يسيء إلى مستقبل العلاقة بين الأحزاب السياسية المتنافسة، ويبعدها عما يجب أن يسود تلك العلاقة من احترام متبادل و نضج سياسي”.
وتابع الجواب “أنه نظرا لكون إستفسار عضو من أعضاء المعارضة من طرف رئيس المجلس عن تصريحات تم التعبير عنها في إطار جلسة رسمية تعقدها مؤسسة دستورية منتخبة بالطريقة تم ابتداعها من طرفكم يشكل أولا وقبل كل شيء تجاوزا لاختصاصاتكم و تطاولا على إختصاصات السيد والي جهة فاس مكناس عامل عمالة فاس طبقا للمادة 64. و أنه نظرا لكون الكتاب الموجه إلى المنوب عنه عبر مفوض قضائي يستهدف استجوابه حول نقط معينة، فقد كان يتحتم على السيد الرئيس اللجوء إلى القضاء المختص واستصدار أمر قضائي يسمح له بالاستجواب القضائي لمواطن آمن في عقر داره، لا سلطة له عليه”.
واسترسل المصدر نفسه أنه نظرا لكون النقط التي يحاول الرئيس البحث بشأنها تدخل في نطاق الأفعال التي تقتضي إجراء أبحاث تمهيدية بأمر من النيابات العامة المختصة، و أن تدخل رئيس الجماعة في هذا الصدد بعد انتهاء الدورة، يشكل عملا تحكميا و تدخلا بغير صفة في مهام تخرج عن اختصاصه.
وأشار محامي المستشار في ختام جوابه أن الأسئلة التي يود الرئيس استفسار موكله بشأنها قدمت إليه كتابيا قبل انعقاد الدورة بشهر على الأقل في إطار المادة 46 من القانون التنظيمي 113.14، وجاءت مستوفية للشروط الواردة بالمواد من 14 إلى 20 من النظام الداخلي لجماعة فاس، و أدرجت من طرفه في جدول أعمال دورة المجلس، وأنه هو من يتحمل كامل المسؤولية في السماح بالنقل المباشر لأطوار مناقشات الدورة للعموم طبقا للمادة 45 من نفس النظام.
“وعليه فإن المنوب عنه يتقدم بشكايته الحالية إلى سيادتكم الموقرة، بشأن محاولة السيد رئيس الجماعة الترابية المساس بحرية مستشار جماعي منتخب، و تطاوله على إختصاصات السلطات الإدارية والقضائية الموكول لها صلاحية البحث والتحري بشأن كل ما يمكن أن يمس بمصالح الجماعة أو بأخلاقيات المرفق العام. كما يلتمس من سيادتكم و بكل الاحترام الواجب لمؤسستكم اعتبار هذا الجواب إشعارا بالعزم على رفع دعوى قضائية ضد الجماعة في إطار المادة 265 من القانون التنظيمي 113.14، وتمكينه من وصل بذلك للإدلاء به لدى من يجب”، يخلص المصدر.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تفاقم إلى حد توجيه المستشار نفسه شكاية إلى والي جهة فاس مكناس، عامل عمالة فاس، بمكاتبه بفاس، ضد رئيس الجماعة الترابية لفاس، مع الإشعار بالعزم على رفع دعوى قضائية.
وذكر محامي المستشار أن موكله “توصل بكتاب محامي الجماعة المؤرخ في 25 فبراير 2025 و المبلغ له عبر مفوض قضائي بمسكنه بتاريخ 6 مارس 2025 المعنون بطلب تبليغ كتاب توضيحي بواسطة مفوض قضائي معتمد. و أنه نظرا لكون هذا الاستفسار يفتقر إلى الأساس القانوني. وأنه نظرا لكون إستفسار عضو جماعي معارض من طرف السيد رئيس المجلس، عن تصريحات تم التعبير عنها في إطار جلسة رسمية تعقدها مؤسسة دستورية منتخبة يشكل تجاوزا لاختصاصات رئيس الجماعة، وتطاولا على إختصاصات سيادتكم طبقا للمادة 64 من القانون التنظيمي 113.14 و التي منحت للسادة العمال وحدهم أو لمن ينوب عنهم الحق في توجيه استفسار للأعضاء حول ما قد يعتبرونه أفعالا مخالفة للقوانين و الأنظمة” و إحالتهم على القضاء المختص لترتيب الأثر القانوني المناسب”.
وعليه، أكد المستشار من خلال محاميه أن مساءلة أعضاء المجلس حول تصريحاتهم خلال دورات رسمية للمجلس يعتبر تطاولا على اختصاصات والي جهة فاس مكناس، المسؤول عن مراقبة قرارات المجالس المنتخبة.
كما شدد على أن أي محاولة لاستجوابه بخصوص مداخلته في الدورة العادية لشهر فبراير 2025 كان ينبغي أن تمر عبر القنوات القانونية والقضائية المختصة، بدلا من التوجه إليه مباشرة عبر مفوض قضائي. وأشار أيضا إلى أن القضايا التي يحاول رئيس الجماعة البحث فيها تندرج ضمن اختصاصات النيابة العامة، التي تمتلك وحدها صلاحية فتح تحقيقات رسمية، مما يجعل تدخل الرئيس في هذا الشأن عملا تحكميا.
وفي ختام شكايته، أعلن المستشار الجماعي أن هذه الخطوة تعتبر إشعارا رسميا بعزمه رفع دعوى قضائية ضد الجماعة وفقا للمادة 265 من القانون التنظيمي 113.14، مع المطالبة بوصل يؤكد تسلم الجماعة لهذا الإشعار، ليتم الإدلاء به في الإجراءات القانونية المقبلة.