“الفساد” و”الاستغلال العشوائي” و”تدمير البيئة”.. تقرير برلماني يميط اللثام عن “فوضى” المقالع بجهة فاس مكناس
فضح تقرير “المهمة الاستطلاعية حول مقالع الرمال والرخام”، البرلماني، “الفوضى” و”الريع” و”العشوائية” و”التهرب من الأداء” و”تدمير صحة الشجر والبشر”، ناهيك عن تواطؤ أصحاب المقالع مع بعض رؤساء الجماعات.
وكشف التقرير، حصلت جريدة “الديار” على نسخة منه، عدم التزام مستغلي المقالع بأداء مستحقات الجماعات، حيث الباقي استخلاصه يتزايد بشكل سنوي في العديد من الجماعات، والذي يتجاوز 5 مليون درهم في جماعات صغيرة، مما يتعين معه تحديد الباقي استخلاصه على المستوى الوطني ككل والتوجه نحو العمل على استخلاصه.
وأكدت المهمة الاستطلاعية ارتباط موضوع المقالع باقتصاد “الريع”، وهو ما يتطلب تعزيز المنظومة الشاملة للحكامة من شفافية ومنافسة حرة ونزيهة، والوضوح والسلاسة في كل الإجراءات المرتبطة بالقطاع.
وأشار التقرير إلى المبالغ المالية الطائلة التي تخسرها “ميزانية الدولة” من المقالع، فمتوسط رقم المعاملات لكل مقلع يبلغ 500 مليون درهم، والوضع الراهن بالنسبة للمداخيل المالية من المفروض أن يصل إلى 900 مليون الدرهم، إلا أن أكبر مستوى تم الوصول إليه هو 130 مليون درهم سنة 2014 و71 مليون درهم سنة 2013، مما يبين حجم الاموال المهدورة.
هذا على المستوى الوطني، أما على مستوى جهة فاس مكناس، فقد سجل برلمانيو “المهمة الاستطلاعية نفس الاختلالات، تقريبا، بعد زيارتهم “التفتيشية” لإقليم تازة.
وأماط التقرير اللثام على التأثيرات السلبية العديدة للمقالع بإقليم تازة، بينما لا تتعدى آثارها الإيجابية عدد أصابع اليد الواحدة، والتي يمكن تلخيصها في المساهمة في مداخيل الجماعات الترابية وخلق فرض الشغل لصالح اليد العاملة المحلية، وفق التقرير نفسه.
وأفاد البرلمانيون أن المقالع تلوث الهواء بسبب تطاير الغبار، بالإضافة إلى الضوضاء الناجمة عن معدات التشغيل ونقل مواد المقالع، مشيرة إلى تأثيرها الخطير على النشاط الزراعي وعلى الحياة البرية المهددة بالانقراض والمواقع المحمية.
“هناك مشكل بيئي خطير لقرب المقالع من الساكنة، وهناك تأثير على الأراضي الفلاحية وبالخصوص شجر الزيتون”، يورد التقرير على لسان من التقتهم اللجنة الاستطلاعية بإقليم تازة.
عبد الإله بعزيز، رئيس المجلس الإقليمي وحسب ما جاء في التقرير، أكد أن أغلب المقالع عشوائية وتشتغل بطرق بدائية، مشيرا إلى العدد الكبير من شكايات السكان والشنآن بينهم وبين ارباب المقالع بسبب “البيئة”، قبل أن يدعو إلى محاربة المقالع العشوائية واحترام دفاتر التحملات واحترام المقاسات، متحدثا عن خطر وجود المقالع وسط الساكنة في بعض الجماعات وعدم تهيئة مجموعة من المقالع بعد انتهاء الاستغلال بها، مما يشكل خطورة على الساكنة والحيوانات.
نفس الآراء عبر عنها المجتمع المدني بإقليم تازة، في لقائه مع ممثلي “المهمة الاستطلاعية حول مقالع الرمال والرخام”، مشددا على تأثيرها السلبي على البيئة والماء، ووقوفها وراء انتشار الأمراض المزمنة وخصوصا تلك المتعلقة بالجهاز التنفسي، داعيا في نفس الوقت إلى عدم رمي النفايات بالوديان وإلى مراقبة المستغلين وحثهم على احترام الضوابط والاهتمام بحقوق اليد العاملة.
وفي تعليقها على ما جاء في التقرير البرلماني حول المقالع أكدت فعاليات مدنية بالجهة أن ما تم تسجيله في إقليم تازة هو نسخة طبق الأصل، تقريبا لما يحدث في باقي المقالع المتواجدة في تراب جهة فاس مكناس، متحدثة عن مقالع إقليم بولمان وصفرو وتاونات.
وقدمت المصادر مقالع الرمال في عالية صفرو، كمثال على “الفوضى” التي يعرفها القطاع، سواء على المستوى “البيئي” بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على الفرشة المائية، ما يفاقم أزمة العطش بالإقليم، مشيرة، إلى حالة الاستثناء في المغرب، بمنح رخص لمقالع وسط ضيعات فلاحية.
وكانت جريدة “الديار” قد أشارت، في مقال سابق، إلى “فضيحة” الاحتكار الذي تعرفه مقالع “الغاسول” بإقليم بولمان، وفق تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية (أنظر الرابط اسفله).