“حصْلة” القاسم الانتخابي في الذكرى الثالثة.. من “يقتل” السياسة؟
تحل اليوم الأحد الذكرى الثالثة لانتخابات 8 شتنبر 2021، والتي أصبح عدد لا يستهان به من المغاربة يعتبرها “نذير شؤم” على البلاد والعباد.
ذكرى تم ربط تاريخها بشكل تلقائي بـ”الفواجع” الطبيعية التي كان مواطنون ضحية لها، في إشارة إلى زلزال 8 شتنبر 2023 بمنطقة الحوز، والذي لا زال مغاربة، بعد مرور سنة كاملة، يعانون الويلات جراءه، على الرغم من المواقف الإنسانية والتضامنية التي عبر عنها الكل اتجاه الضحايا، إضافة إلى تاريخ اليوم 8 شتنبر 2024، والذي استفقنا فيه على وقع الخسائر الفادحة في الأرواح والبنية التحتية، التي خلفتها السيول الجارفة في منطقة طاطا والجنوب الشرقي للمملكة.
بل أجمعت أغلب التعاليق على الصور القادمة من “فاجعة طاطا”، على أن المغاربة لم يتعافوا بعد من “جائحة” 8 شتنبر 2021، التي يقف وراءها “سياسيون”، حتى ضربتهم كوارث طبيعية زادت الوضع تعقيدا، مما ينذر بمستقبل غامض في ظل ضعف المؤسسات المنتخبة وعلى رأسها حكومة عزيز أخنوش.
وعلى الرغم من الشعارات الكبرى التي رفعتها الحكومة، والمرتبطة بـ”الإصلاح” و”الدولة الاجتماعية”، والتي ما فتئ البعض ينخرط في الترويج لها بوعي واقتناع، أو بـ”مقابل” في حالة البعض الآخر، فإن الواقع على الأرض يؤكد العكس تماما.
“غلاء الأسعار والمعيشة، انهيار القدرة الشرائية، استمرار التراجع في مؤشر التنمية، ارتفاع البطالة بشكل غير مسبوق، أزمة الصحة والتعليم، “حراك” طلبة الطب والصيدلة، تقارير الهيئات الوطنية والمنظمات الدولية، إفلاس عدد مهول من المقاولات الصغرى والمتوسطة، وحتى بعض الشركات الكبرى اضطرت لطرد عدد كبير من العاملات والعمال إلى الشارع، مخلفة مآسي اجتماعية”.. مؤشرات، من بين أخرى، تدحض “الكلام الغليظ” عن الإنجازات، الذي “صدعت” رأسنا به حكومة “الكفاءات” ومن “والاها”.
حصيلة 3 سنوات من “العجز” و”الفشل”، أو “الحصْلة”، بصحيح العبارة من وجهة نظري على الأقل، تترجمها أيضا الاعتقالات والمتابعات في حق عشرات البرلمانيين، بتهم وجرائم يندى لها الجبين، موزعة بين الفساد والتحايل في صفقات والارتشاء، لتصل حد “الاتجار الدولي في المخدرات”، في وضع غير مسبوق في تاريخ بلدنا، وفي تاريخ المؤسسة التشريعية، التي حولها البعض إلى “سيرك” و”حلبة” للصراع الانتخابي، وليس السياسي، على حساب مصلحة المواطنين ومستقبلهم.
وأمام تفاقم الوضع، الذي لطخ سمعة مجلس النواب في الوحل، تم اللجوء إلى إرساء مدونة جديدة لـ”الأخلاقيات والسلوك”، رغم أنني، شخصيا، على يقين أنها لن تغير شيئا لدى الأحزاب، التي لا يهمها سوى عدد المقاعد المحصل عليها، بعيدا عن سمعة أو نظافة “ممثل الأمة”.
“نحتاج إلى الفوز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان ليصبح السي أخنوش رئيسا للحكومة، ورشيد الفايق مقعده مضمون!”.. كان هذا رد أحد أعضاء حزب التجمع الوطني للأحرار بفاس، خلال دردشة مع كاتب هذه السطور، أياما قليلة قبل الانتخابات، بعد أن عبرت عن استغرابي من تزكيته، ومنحه الضوء الأخضر وكامل الصلاحيات لتدبير مرحلة 2021 بعمالة فاس، رغم “السمعة” و”الفضائح” التي تسبقه، ليضطر حزب “الحمامة”، في آخر المطاف، و”يا للعجب!”، لـ”التبرؤ” منه إثر اعتقاله في ملف “عصابة أولاد الطيب”، في “شوهة عالمية” لحزب “أغراس أغراس”، “زعماكينا!”.
“التنكيل” بالممارسة السياسية، أو “قتلها كاااع”، بعد استحقاقات “القاسم الانتخابي”، سيتواصل بتواطئ من جميع الألوان الحزبية، تقريبا، داخل المجالس المنتخبة، من مجالس الجهات، ومجالس العمالات والأقاليم، ومجالس الجماعات الترابية، إلا “من رحم ربي”.
وأخص بالذكر هنا حالة “الحرب الأهلية” التي تعيشها نسبة كبيرة من هذه الهيئات بجهة فاس مكناس، والتي يطغى على تدبيرها غياب الانسجام بين مكوناتها والصراعات “الخاوية”، في تأكيد على أنها مجالس “شينوا”. وهو الوصف الذي أطلقته سابقا على بعضها، تعليقا على تحولها إلى “روض للأطفال”، بسبب كثرة “الصداع” والعشوائية في التسيير، على حساب المصلحة العامة وخلق فرص التنمية والعيش الكريم للمواطن المغلوب على أمره.
لكن، ماذا قدم خريجو “8 شتنبر”، من برلمانيين وأعضاء مجالس، لجهتنا ولساكنتها، بعد 3 سنوات من انتخابهم؟
“الأصفار”، لحدود الآن، وعدد مهم من النزلاء في سجن بوركايز، ترد بحزم فعاليات مدنية وحقوقية، في تلميح منها إلى اعتقال عدد من المنتخبين بالجهة وخصوصا بعاصمتها فاس، في ملفات فساد وجرائم، قبل أن تستطرد: “باستثناء برنامج التنمية الجهوي الخاص بمجلس الجهة، والذي تعرض بدوره للانتقاد بسبب عدة اختلالات مرتبطة بالمشاريع التي يشتبه في توزيعها وفق مصالح شخصية وانتخابية، فإن الأغلبية غارقة في “التخبط” وصراع “النفوذ” بين “الكائنات الانتخابية و”الابتزاز” مقابل التصويت”.
والأدلة على طغيان “النزاعات”، حسب المصادر التي تحدثت إليها جريدة “الديار”، هو عدد المجالس التي تعيش حالة “البلوكاج”، وعدد الجماعات التي قدم أعضاؤها ملتمسات لإقالة رؤساء تزامنا مع “نصف الولاية”، في إشارة إلى حالة بعض الجماعات بإقليمي تاونات وصفرو، بالإضافة إلى حالة جماعة مكناس، والتي تعيش على صفيح ساخن، بعد التهديد بالإطاحة بالعمدة “صديق” أخنوش.
كما تحدثت، كذلك، عن العدد الكبير من الإقالات بسبب “الغياب غير المبرر”، والذي يعود إلى “الاستهتار” بأصوات المواطنين والتخلف عن تمثيلهم، مشيرة إلى حالة “الزعيم” حميد شباط، الذي أعاد نفس سيناريو “الهجرة” في ولايتين متتاليتين.
أما عن البرلمانيين، وبعد أن استبشر المواطنون خيرا من مبادرة ممثلي إقليم تاونات التكتل من أجل الترافع عن دائرتهم، وبعد مطالبة باقي البرلمانيين عن دوائر جهة فاس مكناس أن يحذوا حذوهم، سيتفاجأ الجميع بـ”موت” المبادرة، أو “اختفائها” عن الساحة، دون توضيح، في تكريس لـ”الغياب” التام لممثلي الجهة عن هموم المواطن، باستثناء بعض “التنقاز الخاوي” لعدد قليل منهم، في إطار “التصاور المحروقة” وسياسة “شوفوني خدام”، مع اقتصار معظمهم على تدبيج بعض الأسئلة، التي “لا تسمن ولا تغني من جوع”، على صفحاتهم، حسب الفعاليات.
“حصْلة” أخرى، “مقـ.. لقة”، خلفتها الانتخابات الماضية، متعلقة بظهور “شناقة” و”سماسرة”، يهددون بخلق “الفتنة” في الجماعات، ويوزعون مقاعد البرلمان والمناصب كيفما يشاؤون، و”بلا خبار المخزن”، بدعوى تحكمهم في “الرؤساء” و”الأصوات”، بمقابل كبير. و”المنتوج” الذي يعرضونه للبيع لـ”الأغبياء” طبعا، يتمثل في استغلال نتائج انتخابات ـ8 شتنبر، والتي تزامنت فيها الاستحقاقات التشريعية مع الجماعية، ما أثر بشكل كبير على الأرقام التي استفاد منها المرشحون للبرلمان، متناسين، بشكل متعمد طبعا، أن الانتخابات المقبلة لن تجرى بنفس الطريقة.
فشل هذا “التسويق” أو “التحايل” من أجل “الهمزة بالملايين”، ظهر بالملموس في الانتخابات الجزئية الأخيرة بدائرة فاس الجنوبية، عندما ادعى منتخبون القدرة على جلب أصوات لمرشح “الأحرار”، بلغت، “بتخراج العينين” و”البلابلا”، لعشرات الآلاف، قبل أن يصدم الجميع بحصول الفائز، “بزز”، على 9767 صوتا فقط.
“تجار الانتخابات” لا يقتصرون في “نصبهم” على أصحاب “العقول الضعيفة”، على “الكذب” فقط، والذي بلغ مستوى خطيرا بادعاء أحد “الشناقة”، في إقليم صفرو، وقوفه المباشر وراء نجاح رئيس الفريق البرلماني للأحرار في الانتخابات بـ”تدخل” منه لدى السلطة في الدائرة التي ترشح فيها، بل هناك من يعمد إلى اللجوء إلى طقوس “الشعوذة”، و حتى عرض بناته لـ”البيع/الزواج” لمن يدفع أكثر!
نعم، ما جاء في الفقرة السابقة قد يبدو “صادما” و”مقززا”، لكنه الحقيقة المرة، للأسف الشديد، والتي سأعود إلى تفاصيلها، وقصة تأكيد “السماسرة” على أن الأحزاب السياسية في المغرب تبقى مجرد “دكاكين” في “عمود” لاحق.
هل يملك “السياسيون”، برلمانيون وأعضاء مجالس (أغلبية ومعارضة)، حتى “الشناقة” منهم، الجرأة على تقديم حصيلتهم؟
هل قدرنا، كمواطنين، أن نستمر في دور المتفرج، ليستغلنا “لي يسوا ولي ما يسواش”، من أجل تحقيق أهدافه المعلوم منها و”المجهول”، على حساب التنمية والحكامة الجيدة؟
#حدث_بالفعل..
في تكريس لـ”العبث” وغياب التجانس بين مكونات التحالف في بعض المجالس المنتخبة التي خلفتها انتخابات “القاسم الانتخابي” المشؤوم، يعيش المجلس الجماعي لمدينة فاس حالة فريدة، تتمثل في عجز الأحزاب المسيرة له عن انتخاب نائبا للرئيس، لتعويض منصب البرلماني الاتحادي عبد القادر البوصيري، المعتقل على خلفية قضية فساد مالي وإداري، منذ برمجتها أول مرة في دورة فبراير العادية الماضية، إلى حدود الآن.
وكان الاتحاديون، قد قدموا محمد ياسر جوهر، رئيس مقاطعة فاس المدينة، لشغل منصب النائب العاشر للعمدة البقالي، قبل أن يصدم الجميع بـ”فيتو” الاصالة والمعاصرة”، حليفه في التسيير.
والمثير في هذه “المهزلة السياسية”، أن رفض مرشح “الوردة” في دورة فبراير المذكورة، وكذلك في دورة موالية، أتى يوما على إعلان القيادات الإقليمية للأحزاب المشكلة للتحالف بمجلس فاس، بما فيهم منسق حزب “التراكتور”، عن دعمها لترشيح جوهر وعزمها التصويت لفائدته.
إلى متى سيستمر منصب “النائب” شاغرا، بالإضافة إلى منصب “كاتب المجلس”، بعد استقالة سفيان الدريسي، بسبب “تخربيق” خريجي 8 شتنبر، في الوقت الذي تعيش فيه “عاصمة” الجهة أسوء فتراتها على الإطلاق؟